دردشة عراق كايز . منتديات عراق كايز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دردشة عراق كايز . منتديات عراق كايز

دردشة عراق كايز شات عراق كايز منتديات عراق كايز شات لتعارف ومنتدى للابداع عائله متكامله موقع عراقي يحترم جميع اطياف الشعب
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
حين تسمع الله اكبر || الصحابه || ماهو الحب || التبرع بالدم لغير المسلم هل يجوز || انواع الزكاة || شاب يبلغ ست عشر عام || قصة رواها امام احد المساجد || فضل الصلاة على النبي || نصائح في الدين || شغير القلب || امور لابد من معرفتها اختاه || حكم الي تطاول على الله || العشر الاوائل ذي الحجه ومكانتها || اداب الاخلاق || هل رأيت الجنه || ماهي اعضم المبشرات || اسرار اسم الله اللطيف || حكم استخدام المك اب || القران بين يدك لاتحزن || حكم الرهان || حكم حلق الذقن || حنين لرب العالمين || دعاء زوجه لبقاء حب زوجها || زواج المسافر || فضل الصلاه على النبي || غفر الذنوب هل هوه ذريعه للمعاصي || صلاة اليل تؤخر الشيخوخه || سواد وجوه اهل البدعه || بكاء من خشية الله || صفحاة لابد من اغلاقها || خلق المؤمن || حيوانات تدخل الجنه || المحبه || التحكم بالعقل || العصبيه || التفكير والتسديد || اسماء الماء بالقران || اداب الاخلاق || شات الملك || ذنوب الخلوات || اصول الاسلام || الشهاده || رسالة الرسول للملوك || اول من اسلم في الاسلام || فضل قيام اليل || كيف اعرف الايات المكيه والمدنيه || هل الانسان مسير ام مخير || احاديث فضل الجهاد || حرية الاسلام || الفقه || التوحيد || ادعيه مستجابه || صلاة الفجر || زواج المرئه || موسى فرعون || فوائد الرطب || الرقيه الشرعيه || كيف تعرف انك تحب الله || اخلع نضارتك السوداء || نصائح للبنات || التخلص من سماع الاغاني || من راقب الناس مات هما || حقوق الزوج على الزوجه || الرياء || صور اسلاميه || المسجد العائم || احاديث الرسول || تذكر بيتك ولاتنسى || صور مكه المكرمه || احاديث الرسول محمد || اسم الرسول عليه الصلاه || منازل الاخره || صور اشهر جوامع العالم || صور اسلاميه ||
عراقنا || شات عراقنا || دردشة عراقنا || دردشه عراقنا || جات عراقنا || شله عراقنا || شلة عراقنا || شات شله عراقنا || جات شله عراقنا || حبايب عراقنا || شات حبايب عراقنا || دردشة حبايب عراقنا || دردشه حبايب عراقنا || جات حبايب عراقنا || صبايا عراقنا || شات صبايا عراقنا || جات صبايا عراقنا || دردشة صبايا عراقنا || الكلمة المراد مسكها || احلى عراقنا || جات احلى عراقنا || شات احلى عراقنا || دردشة احلى عراقنا || عراقنا1 || شات عراقنا1 || جات عراقنا1 || دردشة عراقنا1 || بنات عراقنا || شات بنات عراقنا || جات بنات عراقنا || دردشة بنات عراقنا || عراقنا || يجمعنا عراقنا || سهرات عراقنا || شات || جات || دردشة || اغاني عراقنا || صور عراقنا || فضيحه عراقنا || زخارف عراقنا || اجمل عراقنا || عراقنا2 || شات عراقنا || جات عراقنا2 || اشتراكات عراقنا || سوابر عراقنا || مقالات عراقنا || سماعراقنا || جات سماعراقنا || دردشة سماعراقنا ||

 

 روايه اخاف من لمساتك ,روايات ,روايه طويله ,

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 82
تاريخ التسجيل : 11/06/2013

روايه اخاف من لمساتك ,روايات ,روايه طويله , Empty
مُساهمةموضوع: روايه اخاف من لمساتك ,روايات ,روايه طويله ,   روايه اخاف من لمساتك ,روايات ,روايه طويله , Emptyالجمعة يونيو 14, 2013 11:44 pm




اخاف من لمساتك.

عندما شاهدت ايف الجدة ماسترز، اجهشت بالبكاء . فربتت السيدة العجوز على ظهرها بلطف : اهلا بك فى بيتك يا صغيرتى.
انها سيدة مختلفة كل الاختلاف عن السيدة الباردة المخيفة التى يظنها الجميع : اننى حمقاء حتى ابكى هكذا.
كانت الجدة قديما طويلة اما الان وهى فى الثمانين من عمرها فكان طولها يقارب طول ايف القصيرة القامة.
قالت الجدة : لا ادرى يعجبنى هذا.
التفتت ايف لدى سماعها حركة : كريستين.
خفق قلبها لمواجهة نظرة كريستين العميقة : عجيب امر هذه المرأة فمعظم الناس يحاولون اظهار المحبة، ولو باسم الاخلاق الحميدة، اما كريستين فلم تكن تزعج نفسها الا مع الجدة ...
سالت بدون ود، وبدون طلب الرد : كيف حالك ايف؟
نظرت ايف حول المرأة : اين صديقتى الصغيرة؟ احضرت لها شيئا.
ردت كريستين بقسوة : لا ادرى ان كنت سترينها اليوم . لقد عضت الانسة بورتون هذا الصباح، ثم اخذت تصرخ حتى بح صوتها.
هزت الجدة راسها الابيض بعجز : يا للصغيرة المسكينة.
صرت كريستين على اسنانها الصغيرة البيضاء : انها مصيبة.
فكرت ايف : بل هى سجينة نفسها .. انها واثقة بان انيتا اذكى مما يعتقد الجميع .. ففى عينيها نوع من الادراك، حتى وان كانت لا تتجاوب . عندما اخذوها الى الاطباء ليعاينوها اجمع الاطباء على ان لاعيب فيها ولكنها ظلت تتقلب من حالة الى اخرى.
تغير وجه كريستين الغريب النحيل فجاة، فالتفتت ايف . كان غارث يدخل من الباب الامامى الذى يشبة باب القلعة حاملا حقائب ايف .. وفكرت فى نفسها : يالهى ! .. انها تحبه !
سالت كريستين : اكانت رحلتك موفقة غارث؟
هز راسه باختصار : نعم، لاباس بها.
وضع الحقائب امام الدرج الضخم ذى الاتجاهين، وتقدم نحو الجدة، التى رفعت له خدها ليقبله .. فطبع قبلته وقال بلطف : مرحبا .. الان احضرت لك ايف، فارجو ان تمنحينى قليلا من الراحة.

-شكرا لك حبيبى .. انا احاول الاستفادة بمقدار ما استطع من قواك الرائعة.
وقفت كريستين جامدة، تراقب عرض المحبة هذا : الرجل والعجوز، والفتاة الشابة .. ثم قالت بصوتها الخفيف : يا لك من فتاة محظوظة ايف ! .. فكرى كم يكلف مجئ غارث اليك.
لم يرد عليها احد، وضغطت الجدة على يد ايف وسالت : لماذا لم يرافقك خطيبك ...
قال غارث بعذوبة : تخاصما.
سالته كريستين : هل انت واثق انك لم تطرده؟
هز كتفيه العريضتين : اسالى ايف.
قالت الجدة : لم تتغير ابدا، اليس كذلك؟ ولكننى لا ارى الاستياء على وجه ايف.
سالت كريستين بوجه متجهم : اذن عدت غير مخطوبة.
-نعم.
لماذا توتر كل شئ كريستين؟
-امر ملفت للنظر .. لا شك فى ان من الصعب ارضاءك .. الا توافقنى الراى غارث؟
فى لهجتها ما كان يحدد رايها بذكاء ايف .. ورد غارث عليها سئما : هى على الاقل تعجب بهم حتى ترد اليهم الخاتم، اتريدين مرافقتى، يا ذهبية الشعر؟
التفتت ايف اليه بسرعة : هل ستسمح لى بالخروج؟
قالت كريستين بتحد : الغرض مغر بدون شك ولكن اليس عليك ان تبقى الجدة؟
رفعت الجدة قامتها الى الاعلى : لا، فانا اريد القيلولة لاكون نشيطة وقت العشاء اذهبى مع غارث ايف . سرنى مجيئك كثيرا.
قالت كريستين : فى هذه الحال، سانضم اليكما.
احست ايف بما يدفعها الى الصراخ عليها، لا ! ولكن كريستين كانت قد وضعت قدمها على الدرج، لتؤكد قرارها معلنة : ستفيدنى النزهة.
تمتمت ايف حالما اختفت كريستين : اذن .. هذا ما يسوى الامر !
تدخلت الجدة : لاطفيها عزيزتى .. فهى امرأة تعسة.
حاولت ايف طيلة الظهيرة تكييف نفسها مع طباع كريستين السيئة .. كان هناك خناجر وسهام ونظرات حادة، تظهر بوضوح ان كريستين غير مسرورة بعودة ايف الى الوايت هاند.
ولكن كان هناك ما يعوض هذا كله، فقد شعرت بروعة العودة الى صهوة جواد برفقة اشخاص لوحتهم الشمس .. كان عمال المزرعة يرفعون ايديهم تحية لايف وهؤلاء العمال بمعظمهم شاهدوها وهى تكبر منذ ان كانت ملاكا بريئا لوحتها الشمس وزادت من ذهبية شعرها حتى اصبحت امرأة شابة ...
ترجل غارث امام حظائر الموشم ليتحدث الى رئيس الرعاة .. فيما كانت هى وكريستين تراقبانه انبرت الاخيرة تقول : اذن .. لقد توقفتما فى كانيميلا؟
بدت عينا ايف تحت اطار قبعتها العريضة، خضراوين عميقتين شفافتين : اجل.

ولم تضف كلمة اخرى، بل انتظرت كريستين لتتابع الكلام : لا ادرى ماذا يرى غارث فى فيكتوريا ... انها دون المستوى.
-اهذا رايك؟
-وماذا عن رايك انت؟
-اراها فى غاية الاناقة عندما تعنى بثيابها.
-ولكنها عادية .. اما حديثها فمحورة الماشية فقط.
-بصراحة انا معجبة بخبرتها، انها امهر فارسة عرفتها .. ولا تنسى انها ربحت السنة الماضية السباق الكبير، اما جميع الرجال.
ردت بحدة : اذن هى ذكية فهى كانت تتقن كل شئ حتى قبل ان تستطيع الوقوف.
سالتها ايف بهدوء : وما الذى تستقبحينه فيها؟
-استغفالها نفسها من اجل غارث.
رفعت ايف خصلة شعر عن عنقها : احقا انها تستغفل نفسها؟
صاحت كريستين بمرارة : بكل تاكيد .. ولكنها تفتقر الى الجاذبية التى تثير اهتمام غارث .. ولو سالتنى رايى لقلت انها وامها مخطئتان فى حساباتهما .. انا واثقة بان غارث لم يشجع فيكتوريا.
قالت ايف باشفاق لا بخبث : ولماذا القلق؟ غارث قادر على ادارة حياته بنفسه.
-عليه ان يتزوج يوما ما .. فالمزرعة بحاجة الى وريث.
-ليس عليه الا ان يتخذ القرار، فهو يعرف نساء عديدات.
-لكنه لا يهتم بامرأة محددة !
ردت ايف بهدوء : ربما تخدعين نفسك كريستين .. فان كنت لا تحبين فيكتوريا فهذا لا يعنى ان غارث لا يحبها .. واعتقد انها تناسبه من اوجه عدة .. والمصالح المشتركة تجعل الناس سعداء.
بدا على وجه كريستين النحيل الانزعاج والتوتر : وكيف تعرفين؟
-وما راى العم دايفد؟
-يقول ان على الاهتما بشؤونى الخاصة.
-اقبلى نصيحته ولننس امر فيكتوريا .. ماذا عنك؟ لقد خسرت الكثير من وزنك منذ رايتك اخر مرة.
-انا اتبع حمية . كنت دائما نحيلة .. ولكننى لم اتزوج من قبل .. وظننت الزواج امرا رائعا فاذا هو ليس كما تصورت.
ما زالت نظراتها مركزة على غارث الذى كان يتحرك برشاقة بين رجاله ...
قالت ايف : اسفة .. ربما انت بحاجة الى ما يشغل وقتك.
-انا امتطى الخيل وارسم، واقود الطائرة ساعة اريد.
التوت شفتاها بتكشيرة مرة، واكملت : ولكننى اعرف اننى غير فعالة هنا فى الوايت هاند.
-اعرف انها عالم الرجال، ولكنك تستطيعين القيام بامور كثيرة . مثلا استلمى مهام الجدة .. اعرف انها رائعة، ولكنها الان مجرد ظل لما كانت عليه.
ضحكت كريستين : ما اشد سرورى لاننى لم اشاهدها فى ربيع ايامها ! حين احضرنى دايفد الى المنزل شعرت بالخوف منها وفى الحقيقة ما زلت اهابها.
نظرت ايف الى كنة الجدة : لكنها الطف الناس واشدهم تواضعا !
-وهى الى ذلك صارمة قاسية !
صاحت ايف صيحة اجفلت الجواد اللطيف : لا ! فخلف حزمها وقسوتها يوجد اطيب قلب فى العالم .. انها الوحيدة التى تخصص لى دائما بعض الوقت . جدتى هى من تراسلنى دائما .. وجدتى هى من دعتنى الى هنا.
قالت كريستين بسخرية : اذن انت مدللتها الصغيرة، فهى تخرجك دائما من الاوضاع السخيفة التى تقعين فيها.
-حسنا .. احمد الله على وجود الجدات فى العالم !

كان احد العمال يضع غلاية ماء على النار .. وكانت تحمى بشرتها الشقراء قبعة عريضة بالية، تطلع الى الخلف نحو السيدتين الجالستين بهدوء فوق صهوة جواديهما، ثم قال شيئا لصبى اسمر قفز برشاقة نحوهما .. ووقف يلوح بشعره الطويل الاسود : انا بنيتو فريدى انسة ..
اشاحت كريستين بوجهها عنه، اما ايف فهزت راسها.
-ليتك جئت تدعونا الى فنجان شاى؟
ضحك بنيتو : طبعا انسة.
حركت ايف جوادها وقالت لكريستين : اترافقيننى؟
-لا .. شكرا لك ! على المرء ان يكون ميتا من العطش ليشرب شاى من تلك الغلاية !
دفعت ايف قبعتها الى الخلف فوقعت على ظهرها : لا تعرفين ماذا سيفوتك .. ان لم يكن شبئا فهو ممتع.
ردت كريستين بجفاء : اظننى عائدة .. فالمزرعة تشغل وقت غارث كله.
نظرت ايف اليها بقسوة ولكنها لم تنتبه لان نظرتها لم تفارق غارث.
وها هنا تكمن المتاعب.
تناول الجميع العشاء، كالعادة، فى غرفة الطعام الرسمية الواسعة الغنية باللوحات الرائعة، وبصور الاسلاف . ركزت ايف بصرها على لوحة المحترم اللورد لورنس دونكان ماسترز الذى بدا صارما متجهما، وسيما، وشبيها بغارث . كان قد جاء الى اوستراليا بحثا عن المغامرة والاثارة ومكث فيها ليؤسس اكبر امبراطورية للماشية.
احست فجاة بالعم دايف يقول : ثمة طريقة واحدة ليتعلم المرء .. وهى اصعب طريقة.

دايفد ماسترز، الرجل الطيب الوقور، ما كان ليقدر على ادارة الوايت هاند رغم كل الجهود التى يبذلها . فادارتها تتطلب رجلا قاسيا صلبا، رجلا يستطيع الحصول بدون جهد على الاحترام والاهتما . العم دايفد رجل رائع، لكنه لا يملك كل الصفات.
بدا على غارث القلق فى رده : اعطه الوقت، سيجد لنفسه مكانا .. فى الغد سنذهب الى التلال لنجلب الماشية الشاردة .. اريد ان ينتهى العمل بالوشم.
قالت الجدة : حسنا ايف، بم تشعرين بعد عودتك الى الديار؟
قالت بهدوء وعذوبة : اشعر باننى لم ابتعد يوما، ان كنت ستخرج فى الغد غارث .. فسارافقك.
نظر اليها عبر الطاولة المتالقة : لدى امور كثيرة اقوم بها بدل الاعتناء بك.
-لكننى استطيع الذهاب اليس كذلك عمى دايفد؟
-غارث هو الرئيس .. ولكننى اعتقد انك قادرة على العناية بنفسك.
دايفد فى الخمسين ولكنه فتى ونحيل ...
سالتها كريستين بعداء ظاهر : لماذا تريدين الذهاب؟ ستركبين الجواد لساعات واميال فى هذا الجو الحار.
-لاننى اعرف هذه المناطق.
-انها مليئة بالاشواك كما ان فيها ماشية متوحشة.
-اذن .. سنمضى وقتا رائعا.
نظر اليها غارث من فوق انفه المستقيم : لا .. لن تخرجى اليوم ولن ترافقيننا فى يوم اخر.
ابتسم لها العم دايفد : لا جدوى من مناقشة غارث حبيبتى . اتذكرين انك جادلته فى امور كثيرة عندما كنت فى الثانية عشرة وباءت جميعها بالفشل؟
-فى ذلك الوقت اعتليت صهوة الجواد كثيرا.
قالت كريستين : حقا ايف .. لماذا الاستعجال؟ المكان وعر جدا، وامتطاء الخيل خطر على المرأة.
قالت الجدة : هذا صحيح .. فلنتناول القهوة فى غرفة الجلوس .. ستقومين بنزهتك ايف قبل ان تنظف التلال من الحيوانات الشاردة.
لكن ايف صممت : ستقوم برحلتها فى الغد .. تستطيع السيطرة على الكستنائى، وهى ليست غبية .. لقد مضت ثلاث سنوات منذ سقطت عن ظهر الجواد .. يومذاك كان غارث قد حذرها من ذلك الجواد، ولكنها فى تلك الايام، كانت تميل الى التهور0
فيما بعد، تحرك العم دايفد عن مقعده الابيض الوثير، ومد يده الى زوجته : الليلة جميلة .. فلنقم بنزهة.
وافقت كريستين بدون اهتمام او حماسة : كما تريد.
كان العم دايفد يتكلم دائما مع زوجته التى تصغره بكثير باحترام، اما هى فلم تكن تبذل اقل جهد للتجاوب معه بالمثل .. حدقت ايف اليهما وهما يبتعدان.
-يا لهما من زوجين غريبين !
رد غارث : لا اعرف ماذا يرى الناس فى الزواج.
جلست ايف على سور الشرفة، ونظرت الى النجوم : هل السبب فارق العمر؟
-ربما للعمر علاقة .. لا تزعجى نفسك بالامر.
تنهدت تنهيدة عميقة : العم دايفد رجل رائع ! ومذا عن المسكية آنى؟
-لا ادرى ما خطب انيتا .. فان لم تكن تصرخ، فهى تختبئ . اظنها تدفع الانسة بورتون الى الجنون.
-ومن وظفها؟
-كريستين.
-تبدو لى امرأة قديرة . ولكنها غير دافئة او ودودة.
نهض غارث من مقعده وتقدم الى حيث تجلس ايف على سور الشرفة، تعقد ذراعيها حول عمود التفت حوله دالية.
-اهى الخيار الخاطئ لطفلة؟
-لا يسمح لى وقتى بمعرفة احوال انيتا ولكننى اشعر بانها تحاول ان تقول لى شيئا ...
نظر غارث اليها وعيناه نصف مغمضتين كعينى القط : اظنك الوحيدة عدا الجدة القادرة على الوصول اليها .. بالطبع .. فما انت باكثر من طفلة.
قالت بخبث : لا يرانى بعضهم طفلة.
-اتحاولين تذكيرى بحادثة الامس البغيضة؟

رمشت باهدابها الثقيلة : لا ابدا.
يثيرها غارث دائما ويغيظها .. انه عريض المنكبين قوى البنية مفعما بالحيوية والرجولة .. وهذا ما قد يدفعها الى فقدان الوعى.
قالت : انا اهتم لامر آنى .. واتمنى لو اساعدها.
-على امها ان تقدم المساعدة اولا ولكنها لاتفعل شيئا للطفلة.
برقت عينا ايف الخضراوان بالغضب : اتؤمن تلك المرأة ان ابنتها متخلفة عقليا؟
اسند يديه الى السور المشرف على الحديقة : انا لا اؤمن بهذا .. انها طفلة غريبة الاطوار وباردة، ولا تتجاوب . ولكننى واثق انها ليست ذكية فقط، بل لامعة الذكاء .. ليس لدى الوقت لاقضيه معها، وعندما اعود اجدها فى الفراش.
قالت ايف بهدوء : لقد كلمتنى الليلة قائلة لى مرحبا.
-يا للطفلة المسكينة ! اظنها مرتبكة خائفة .. لا تخفى كريستين خيبة املها، اما دايفد فيبدو خائفا من طفلته .. انها ورطة كبيرة.
اسندت ايف راسها على العمود، فاخذت زهرة بوق تداعب خدها .. وقالت متوسلة : اسمح لى بمرافقتكم غدا.
قال بلطف : تعرفين ان الرد لا.
وبخته عيناها الخضراوان : ما كنت لتقول لا لفكتوريا.
-انت لست فارسة مثلها .. وليس لدى الوقت لتصرفاتك الغريبة هذه المرة.

استقامت فى جلستها بسرعة فكادت تفقد توازنها : لماذا احضرتنى الى هنا اذن؟
امسك خصرها النحيل يثبتها : اثبتى.
فجاة، راحا يتبادلان النظرات بشدة .. هو مسيطر كل السيطرة على نفسه، وهى تحس بحرارة الاثارة .. ولكنه ما زال كما هو .. غارث فلماذا هى مختلفة؟ ..
قالت بصوت اجش منخفض : انا بخير.
-غير ان جسدك ينتفض كله.
-كدت اقع.
ما تزال ماسوره بنظرته، تتساءل برعب : ماذا دهانى؟ طالما حملها غارث وضمها اليه ومازحها .. انه جزء من حياتها .. مع ذلك اصبح كل شئ غريبا ...
اشتدت يديه حول خصرها ثم رفعهما قليلا : فيما تفكرين؟
بللت شفتيها الجميلتين بطرف لسانها : ان اخبرتك فهل تضحك؟
-جربينى.
-اجد صعوبة احيانا فى معرفة الى اى درجة اعتبرك من افراد العائلة بالنسبة لى.
-تقصدين ان عليك الا ترتجفى عندما تكونين بين ذراعى؟
همست، مذهولة بالاحاسيس الثائرة داخلها : صحيح.
-وماذا عن هذا الاحساس؟ اهو جيد ام سئ؟
ابتلعت ريقها بصعوبة لانها تعرف انه يسخر منها : بل هو احساس غريب.
-حسنا .. تعرفين ما يقال : معرفة ما فى النفس امر مؤلم.
-اعتقد اننى لا اعرف الكثير من الرجال !
-مع انك اتخطبت مرتين.

اغمضت عينيها لئلا يرى بؤسها : انا احب ان اقوم بكل شئ حسب الاصول .. دعنى اذهب غارث.
-لماذا؟ انت تنسجمين كل الانسجام مع يدى.
همست : يداك قويتان وانا خائفة من لمستهما ...
-يا الله !
اشتدت عضلات فكه .. ثم شعرت فى لحظات مذعورة انهما سيتخطيان القواعد التى سادت بينهما طوال العمر، ليصلا الى وضع يستحيل العودة عنه .. ولكن، سرعان ما تعالى صوت من الحديقة، واخذت كريستن ترتقى الدرج بحذائها الاحمر العالى الكعبين، تنظر اليهما بحقد : لن تحاولى العبث مع غارث ايف؟
رد غارث ببرود : ليست المرة الاولى التى تفعل ذلك فقد حاولت هذا منذ ان كانت فى المهد.

لحقت ايف بما المح اليه غارث، بالرغم من سخطها : صحيح ! فالعبث مرحلة مهمة فى نمو الفتاة.
ردت كريستين ببرود : كنت طفلة متفوقة . ومن الجيد ان ينظر اليك غارث هكذا الان.
سالتها ايف : كيف؟
-مسؤولية؟
تدفق اللون الاحمر الى وجه كريستين، وتقدمت الجدة الى الشرفة، تحس بالعداء فى وقفة زوجة ابنها المتوترة : ماذا يجرى؟ ماذا حدث؟
وضع غارث يده على كتف ايف : كنا نتحدث عن الايام الماضية ...
قالت الجدة : كانت اياما طيبة كم ضحكنا فيها.
وقفت كريستين لحظة تنظر اليهما، ثم استدارت الى الابواب العريضة قائلة : اعذرونى ساوى الى فراشى.
سالتها الجدة : الم يرافقك دايفد؟
هزت كريستين راسها الاسود بارتباك : لقد ذهب الى الاسطبل ليستعلم عن شئ ما .. اظنه احيانا يفضل الجياد.
قالت الجدة بصوت لطيف : لاتكونى سخيفة، عزيزتى.
ردت كريستين متوترة : رجاء جدتى، عمتم مساء.
بعد ذهاب كريستين قالت الجدة باسف : ليت دايفد يضاعف اهتمامه بها.
اجلس غارث جدته فوق كرسى : وماذا تتوقعين منه ان يفعل؟
رفعت نظرها اليه بحدة : هل ستفتقده ان صحبها فى اجازة طويلة؟
-سافتقده كثيرا .. ولكننا سنتدبر الامر . انما تعرفين ان دايفد قد لا يرغب فى الذهاب؟
مدت الجدة يدها الى ايف وكانما تسعى للعزاء : هذا واجب عليه ! فسيفيدها الابتعاد . ارى كريستين فى غاية التعاسة.
قال غارث ببرود : لديها زوج وطفلة ولا تعانى من مشاكل مادية، فلماذا التعاسة؟
لكن الجدة لم تقتنع بقوله : انها فى الاساس ابنة مدينة ! لقد شاهدت الصغيرة انيتا الليلة ايف .. هل انت قادرة على العناية بها؟
رفعت ايف وجهها، كزهرة ناعمة فى اطار من ذهب : طبعا جدتى ! اظننى افهمها قليلا.
بدت الجدة جزينة مبتعدة : تعرفين انها ليست متخلفة عقليا، لقد عرضناها على كل الاخصائيين.
علق غارث بجفاء : ان سافر دايفد وكريستين فقد يعود ذلك بالفائدة على الصغيرة لانهما لايقدمان ابدا المساعدة لابنتهما.
قالت الجدة : ولكنهما متضايقان من اجلها .. فالامر ليس سهلا .. لم ار قط فتاة لا تتجاوب مثلها . ظننتها تعانى من انطواء نفسى ولكنها ليست هكذا .. اتذكر ايف وهى فى العمر نفسه؟ كانت تضج حياة وسعادة .. ولكن الضحك مفقود فى قاموس انيتا .. قالت لى الانسة بورتون انها اصيبت بالقنوط منها.
قال غارث بخشونة : اتقصدين تلك المرأة انها لا تريد البقاء.
-لم تقل هذا ...
-لا اظن انها المربية المناسبة لانيتا.
هزت الجدة راسها الابيض المرتب : معها كتب توصية عالية المستوى .. مع ذلك عجزت عن الوصول الى اعماق الطفلة وهذا حالنا جميعا ولا افهم السبب.
احست ايف بالالم وهى ترى الخطوط التى برزت على جانبى ثغر السيدة العجوز .. وقالت : لا تقلقى جدتى ! اعتقد انها سرت لرؤيتى اليوم.

امسكت الجدة بوجه ايف تقبلها : ولم لا؟ انت جميلة كالملائكة.
قال غارث : هذا صحيح، لن اسر ان نظرت وقتا طويلا الى وجه الانسة بورتون.
استدار بسرعة عندما برز عمه الى دائرة الضوء فى اسفل درج الحديقة :هل من خطب؟
رد دايفد بصوت لطيف عميق.
-لا ابدا .. آن وقت النوم فسننطلق باكرا فى الصباح.
نظر حوله فلاحظ غياب كريستين : اوت كريستين الى فراشها؟
ردت الجدة، وقد تحول التعبير الحزين على وجهها الى حزم : اجل .. ابق معى قليلا دايفد .. اريد ان اكلمك.
بدا وكان جسم دايفد الطويل تقلص.
-امى ان كنت تريدين منى اصطحاب كريستين فى رحلة، فلن افعل . ان الاعمال كثيرة وامامنا سوق الماشية الذى لا اريد ان يفوتنى، واعلمى ان السفر لن يحل اية مشكلة.
مد غارث يده الى ايف التى ما تزال جالسة، هيا، قفى ايف.
نهضت ايف ودخلت معه الى المنزل.
تصبحان على خير.
يتقبل العم دايفد مشكلة .. لكن الا يغمض عينه عن مشكلة اخرى؟ غارث نقيض عمه ومن السهل جدا الانجذاب اليه .. وكريستين امرأة
الفصل الربع

الحورية الباردة

انطلق الرجال قبل بلوغ الفجر .. كانت ايف فى هذا الوقت مستيقظة ولكن بالطبع لم تستطع مرافقتهم فكان ان شعرت بالبؤس . لكنها راغبة فى مساعدة الجدة والصغيرة آنيتا .. عندما راجعن النتائج القديمة، لم تستطع التفاءل كثيرا ولكنها كانت خائفة من الانسة بورتون، خائفة ان تغضبها، مع انها لاتعرف لهذا سببا . لقد اعطت المرأة رغم عدم جاذبيتها نتائج مرضية فى مراكز اخرى اشتغلت فيها .. فهل من العدل توقع الجمال اضافة الى المؤهلات الضرورية؟ صحيح انها لم تكن بشعة ولكن وجهها وطباعها اقل من لطيفة، فى نظر ايف .. ولم يغب عن تفكيرها انه كان يمكن لانيتا الاستجابة لمربية اكثر شبابا، واجمل طلعة ..
لم يكن فى غرفة الطعام احد وقت الفطور الا كوك الطباخة.
-صباح الخير سيدة كوك !
حسبما تعرف ايف، لا احد فى الوايت هاند ينادى مدبرة المنزل سوى باسم الطباخة كوك .. قالت السيدة كوك مبتسمة لانعكاس صورة ايف على مرآة المطبخ الفيكتورية الطراز ...
-صباح الخير انستى . ماذا تريدين ان تاكلى.
-كالعادة .. فواكه، سيريل، مسحوق الحنطة، اما البيض المسلوق فلا اريده ثم اريد قهوتك الرائعة وقطعتين من التوست.
ردت السيدة كوك ممازحة : رويدك، لست قادرة على تلبية كل ما تطلبين، ولكنها فى الواقع كانت مسرورة بوجود ايف هنا خاصة وانها اول من سمع صراخها حين اطلت على الدنيا.
قالت ايف بصوت جاد وهى تبعد صينية الفضة جانبا : اريد ان اسالك امرا.
همست بصوت حاد مبحوح : ليس عن الانسة بورتور الشريرة تلك.

التفتت ايف بقلق الى الباب : الا تعجبك؟
-لا تقلقى، فهى لاتاتى الى هذه الغرفة فى مثل هذه الساعة .. انها لا تعجبنى .. ولكننى لم اخبر رايى لاحد سواك، انها كالدواء المر.
-لماذا؟
-انها متجهمة وشريرة، لقد مضى على وجودها هنا ستة اشهر ولم ارها يوما ضاحكة، ان لم تكلميها ظلت صامتة . اعتقد ان من الغلط الجسيم بقاءها مع تلك الطفلة، لا انكر انها تستطيع التعامل معها فى الاوقات التى تعانى منها الصغيرة من نوبات عصبية ولكننى ارى ان آنيتا تزداد انطواء على نفسها.
قالت ايف : طلبت منى جدتى قضاء بعض الاوقات معها.
وقفت كوك قرب الطاولة المستديرة تلوى بيديها : حسنا، افعلى هذا دائما ! فاشباه تلك المرأة يسببون الالم.

تنهدت تنهيدة عميقة : ولا يبدو ان هناك تفسيرا لحالتها . اعرف انها ليست متخلفة . بل هى عاطفية اذا ما حطم احد جدران انطوائها .. كنت مرة فى المطبخ ابحث عن خليط البهارات، فتقدمت الى الخزانة ووجدتها لى .. والله يعلم ان غرفتها تعج بالكتب . واعتقد انها تجيد القراءة، ولكن الانسة بورتور ترفض الفكرة وتقول انها بطيئة الاستيعاب.
قالت ايف بقلق : ما تحتاججه حقا هو علاج نفسى .. لانها منطوية ذاتيا.
سرعان ما اتضح ان الانسو بورتون لن تستجيب بلطف لاى نوع من التدخل . قالت باقتضاب حينما عرفت ايف عن نفسها فى غرفة الدرس : صباح الخير انسة ماسترز . هل لى ان ادخل؟
ابعدت المربية يدها عن الباب : طبعا.
-جئت القى التحية على آنيتا.
تساءلت ايف عن سبب عدائية المربية .. فهى تكرة الشجار وكل ما هو غير لطيف ..
قالت المربية : آنيتا فى احدى نوباتها المتجهمة المنطوية هذا الصباح .. وقد اضطررت الى حبسها.
-ماذا فعلت؟
شعرت بثورة غضب وسارعت المربية الى القول : ان وعدتنى بان تكون فتاة طيبة، اخرجتها . لم تتح لى الفرصة لشرح اخر خلاف وقع بيننا انسة ماسترز . ولكن ثقى بكلمتى .. فانيتا شريرة جدا جدا ...
قاطعتها ايف : ليتك لا تقفلين الباب عليها فما هذا التصرف بصائب.
-هذا جزء من تدريبها، وهى تعرف ان العقاب بانتظارها اذا حطمت الاشياء.

دنت ايف من الباب الداخلى فى غرفة الدرس : اهى هنا؟
-اطلب منك انسة ماسترز الا تتدخلى !
لكن مصلحة آنيتا هى الاهم .. وليس غضب ايف المتصاعد .. فقالت بلطف : صدقينى .. لن اتدخل . لكننى لا اراها كثيرا . ولا احب ان اضيع الفرصة .. فهل لى ان اراها؟
-انسة ماسترز انت بذلك تهددين بنسف سلطاتى.
-ابدا .. اريد فقط رؤيتها .. انها طفلة فى الرابعة من عمرها.
-انها صعبة المراس بشكل رهيب ...
-السنا جميعا نحاول مساعدتها؟ انا لا اؤمن بوجوب حبسها فى غرفتها لان فى ذلك ضررا كبيرا على الطفلة.
تورد وجه الانسة بورتون القبيح : هل انت مؤهلة لتحكمى على مثل هذا؟
-درست علم النفس فى الجامعة .. واعرف ان من المهم للطفل ان يحس بحريته.
-والاهم الا ندع هذه الطفلة بالذات تستمر فى وقاحتها وتدمير اغراضها.
-وهل لطفل متخلف عقليا ان يكون وقحا؟
-آه، هيا الان، قد يكونون فى غاية المكر.

قالت ايف بهدوء : آنيتا غير ماكرة .. فليتك تفهمينها اكثر، اعرف ان الاطفال يعتمدون كثيرا على تصرفات من هم اكبر سنا، وعلى تعابير الوجوه، ولهجة الصوت .. وبامكاننا جميعا ان نكون لطفاء كيسين صبورين.
سالت الانسة بورتون بصوت حاد رفيع : اتعلميننى كيف اقوم بعملى انسة ماسترز؟
حاولت الرد بلطف : تعرفين اننى لا افعل هذا .. المسالة اننى اريد تقديم العون.
قالت المرأة بلهجة المنتصرين : ستساعديننى اذا ما تركتنى اتابع عملى، فعندى، فعندى المؤهلات الضرورية والتدريب اللازم والاهم من هذا كله انا عندى دعم ام الطفلة.
نظرت اليها ايف باهتمام : لماذا لا تناديها آنيتا؟ فلا اسمعك تناديها الا بالطفلة، انها انسانة !
-اظن ان عليك الخروج من هنا ايتها الانسة . اما رؤية الطفلة فوقفا على تصرفها .. فقد منحتنى السيدة ماسترز كامل الصلاحية والسلطة.
ابتعدت ايف عن باب غرفة آنيتا، وهى متاكدة انها ملتصقة به من الجانب الاخر تستمع الى ما يجرى.
-ساكلمها اذن.
ان الاولاد يرسلون الى غرفهم كنوع من العقاب، لكن ما يبقيهم فيها هو سيطرة الاهل، وليس الابواب الموصدة !
اضطرت ايف للانتظار نصف ساعة قبل ان تشق طريقها بكل كسل على الدرج . ولاول مرة احست ايف بالسرور لرؤيتها : هل لى ان اكلمك كريستين؟
-عم تريدين التحدث؟
-عن آنيتا.

تنهدت كريستين : رجاء، لا تفعلى.
-علينا ان نتحدث عن آنيتا . اتعرفين انها محبوسة الان فى غرفتها عقابا لها؟
-اتركى كل شئ على حاله ولا تزجى انفك فى هذا الموضوع.
-ولكنها ابنة عمى.
ردت بفظاظة : غير صحيح، كان والدك ابن عم والدها.
-ومازلنا ابناء عم . انا واثقة انك لم تسجنى مرة وراء باب غرفتك فى طفولتك.
ولكننى كنت طفلة سوية ! وما يقتلنى ان آنى بلهاء، وليست بلهاء فحسب بل هى بطيئة الاستيعاب .. وفى بعض الاحيان اشك فى انها غير عادية .. وهذا ما يثيرنى .. اعنى انها جميلة وافراد عائلتى يتمتعون بالجمال، ودايفد وسيم ولكن انظرى اليها.
ارادت ايف ان تقول رايها الصريح بكريستين المهملة لواجباتها كأم ولكن الرغبة فى مساعدة آنيتا كانت اقوى عندها.
-اتسمحين لى باصطحابها فى نزهات؟
ردت بلؤم لاذع : انت غير كفؤة للعناية بنفسك.
-انا قادرة على ذلك حين يناسبنى الامر، ربما تريننى متهورة بركوب الخيل ولكننى اقود السيارة بمهارة واجيد السباحة لذا لا تخشى على آنيتا فستكون امنة معى.

استخدمنا المربية لتعتنى بها .. انا واثقة ان غايتك نبيلة ولكننى لا اثق بتصرفاتك . ان آنيتا بحاجة الى يد حازمة تفتقرين اليها.
هل تحيل المشكلة الى الجدة؟ غير ان الجدة امرأة عجوز وقد عانت كثيرا فى حياتها .. ولا تريد ان تقلقها او ان تعمق اخاديد السنين والكرب على وجهها .. ليس امامها الا غارث . فالعم دايفد الذى بلغ السادسة والاربعين، لا يبدو متمسكا كثيرا بابوته ..
كانت الاسطبلات فارغة الا من رجلين يقومان باعمال التنظيف.
-صباح الخير انسة.
-صباح الخير كورتنى.
بدا صوتها اجش ورسميا ..
-هل لك ان تسرج لى الكستنائى الذى كان معى بالامس؟
-بالتاكيد انسة .. الى اين تريدين الذهاب؟
-الى هنا وهناك.
لم يكن كورتنى موافقا فما زال الجميع يذكرون كيف اطاح بها الحصان عن ظهره، وكيف جن جنون المعلم الذى كاد يسلخ جلد ارنولد الذى اسرجه لها . لم ينس كورتنى الحادثة فحار ماذا يفعل ..
-ارجوك لا تذهبى الى التلال .. هل ستذهبين يا انسة؟
-لم اقرر كوتنى.
-من المفروض بك الا تتوجهين الى هناك انسة .. فسيجن جنون الرئيس !
-انا ارغب فقط فى نزهة كورتنى .. والان اسرج لى الكستنائى.
-هل لى بمرافقتك؟
-اعتقد ان لديك اعمالا كثيرة.
اخير استسلم الرجل الى الامر المحتوم.
-حسن انسة .. ولكن ارجو الا تكونى السبب فى مشاكل بينى وبين المعلم.

-وماذا تعنى بقولك هذا؟
تورد وجه كورتنى : اتذكرين الخلاف الذى وقع بسبب الحصان؟
-لقد قلت للسيد ماسترز انها لم تكن غلطة ارنولد.
ضحك ضحكة متوترة : لم كن هذا كافيا انسة، ما رايت ولم ارى المعلم غاضبا كتلك المرة .. كان على ارنولد ان يحاول منعك !
ما تزال ايف نادمة على اخطائها الماضية ولكنها لن تمضى العمر فى توبيخ نفسها ..
قالت : اعتقد هذا .. ولكن الامر مختلف هذه المرة كورتينى .. فانا قادرة على كبح جماح الكستنائى، ولن اسبب لك المشاكل.
ابتعد كورتنى بثبات، مع انه غير متاكد مما ستقدم عليه الانسة فهى شابة غريبة الاطوار احيانا.
ولكن ايف قصدت ذلك المكان عمدا .. ولم يكن فى نيتها الوقوف فى طريق الرجال، بل البقاء بعيدة . لقد اثر فيها غارث دوما بسبب مبالغته فى حمايتها فهو يعاملها وكانها قاصر، بسبب بضع حوادث جرت معها فى الماضى .. وما كانت تسمية شجاعة منها كان يسميه هو تهورا والمحظور عليها مسموح لفيكتوريا.
انطلق الحصان كالريح مطيعا اوامرها فشعرت بانقطاع انفاسها، وبالانتعاش . احب الكستنائى السرعة واحبتها ايف ايضا فما اعظم الشعور بالبرية والحرية.
يا لعظمة الوايت هاند ! انها مكانها المفضل منذ الطفولة .. لكن ايف كانت ماسورة بها لانها مولعة بالفضاء والسكون .. وبالسراب الذى يرفع بسرعة خيالات لا تصدق ...
شدت ايف زمام الجواد الكستنائى ليتوقف وراحت تنظر الى الافق الممتد والى المساحات الواسعة الغنية بالازهار الملونة .. اهناك ما يضاهى حديقة وسط الصحراء؟ ... لا، لا يمكن ذلك ابدا.
تابعت ايف الانطلاق وهى تفكر انها قى تقديم المساعدة لانيتا قد تجد نفسها . لايمكنها الاستمرار بالعيش على سيرتها السابقة كزج نفسها فى علاقات لا طعم لها ولا لون، وترمى بنفسها على رجال هم فى الواقع نقيض غارث.
كان منظر قمة كالكا عظيما للمهرجانات الصاخبة الدينية لاهل اوستراليا الاصليين، فجدرانه الصخرية الضخمة ترتفع بشكل حاد وسط المنبسطات .. اما شمس النهار، فتنعكس فوق الصخور الكوارتزية اللامعة .. بدت الان المنحدرات الوعرة، والممرات المتكسرة الضيقة، كتلة متراصة من النباتات الريشية الاوراق، والالوان البنفسجية والقرمزية والخضراء .. فى الاعلى، على واجهة الجرف الصخرى كهوف جدرانها الناعمة البالية مكسوة، برسومات عن صيد السمك وصيد الطيور0
ان جمع الماشية الشاردة والمجموعات التائهة اصعب مهمة يقوم بها الرعاة .. ففى السهول الواسعة، حلت الهلكوبتر مكان الفرسان، ولكن الرجال مضطرين لامتطاء الخيل للوصول الى المنطقة الجبلية الوعرة.
اتخذت ايف طريقا للماشية تفضى الى سلسلة من القمم المسطحة .. فى طفولتها كانت تبدى الذهول عندما تجد بقايا حيوانات بحرية فوق الصخور العتيقة . انها بلاد غريبة، مذهلة .. ارض الحرارة والصحراء والصمت ...
كان الكستنائى كالمشتاق نحو القمة، وما هى الا عشر دقائق، حتى سمعت ايف صوتا بعيدا لرجال وكلاب وماشية .. ستكون قمة المنبسط اهم نقطة للمنظر . انها لاتبغى الوقوف فى وجه احد بل جل ما تريده هو التحدث الى غارث .. فقد كان صعب عليها الابتعاد عن الانسة بورتون فى وقت تحس فيه برغبة فى تحطيم الباب المقفل.
تعالت الاصوات وارتد صدى الصباح والضربات، رات على مقربة منها كلب الدينغو المتوحش المسعور، يربض منتظرا هذا الصياح فقط .. لقد هاجم احد العجول الصغيرة، وها هو يربض متربصا بالجواد وفارسته .. انه جريح، لقد اصيب بطلق نارى ولكنه لم يمت وها هو بانتظار الوقت حتى يشفى ...
لم يصدر عن الكلب المتوحش صوت على الاطلاق ولكن عندما مرت به وثب وثية يريد التهام قدمها المنتعلة حذاء . ان من يعرف هذا النوع من الكلاب المتوحشة، يعرف انه يقتل العجول، ويهاجم المزارع وكلابها وينقض على الرعاة الممتطين جيادهم.

مع انها فوجئت كثيرا، تصرفت بشكل جيد فقد تمسكت بلجام الجواد الذى ارتد الى الوراء وبدا يلتف فى دوائر صاهلا . اما ايف فحاولت مقاومة الدينغو بقبعتها وراحت تصيح : ابتعد عنى ايها المتوحش ! ثم ما لبث ان تغيرت خطة دفاعها، وراحت توجه الجواد يمنة ويسرى .. عل الجواد يركل باحد حوافره الدينغو انها فرصتها الوحيدة لان احد انيابه انغرز فى حذاء ركابها . صاحت تشجع الجواد، وتشتم الدينغو ولكنه ظل يهجم عليها غاضبا، مصمما على الاطاحة بها عن صهوة جوادها0
بعد لحظة سمعت صوتا مالوفا .. انه نباح عنيف شرس لكلب رعاة وقف فوقهم على الصخور . سرعان ما اطلق الدينغو عواء تقشعر له الابدان، واستدار ليواجه الكلب البعيد عنه عشرين قدما.
ستكون معركة حتى الموت .. وكلاب المزرعة لا تقدر بثمن وقد دربت للقيام باعمال تناسبها.
وثب الكلبان، ثم ما هى الا هنية حتى اصبح الهواء مغيرا بشعا باصوات عويلهما ونباحهما.
المنظر مخيف ومرعب فحاولت ايف مهاجمتهما لانهاء العراك . ولكن، لم يعرها اى منهما اهتماما، بل اندفعا يسعى كل منهما الى عنق الاخر ...
فجاة، وجاء الصوت من ناحية اخرى .. فمن بعيد ارتسم لها راكب اوقف جواده ثم صوب بحذر نحو الدينغو فارداه قتيلا .. وانتهى الهجوم الوحشى .. ولكن الكستنائى الذى اجفله الطلق النارى ارتد الى الوراء رافعا قائمتيه الاماميتين فطرح فارسته ارضا .. فحطت فوق الاشواك كلاعبة جمباز . لم تصب باذى، ولكنها كانت مصدومة . اما الكستنائى فعدا راكضا تاركا وراءه ذنبا طويلا من الغبار الاحمر.
-لا افهم لماذا لا تفعلين ما يقال لك !
انحنى غارث فوقها وعيناه الزرقاوان مشتعلتان، فصاحت به : حسنا، حسنا.

-هل تاذيت؟
استوت جالسة : لا ابدا، كيف حال الكحلى؟
-غارق بالدماء .. ماذا تفعلين هنا حبا بالله؟
-جئت على امل ان اكلمك.
قال بطريقته الاستقراطية الخشنة : اجلسى هادئة .. حذاؤك ممزق .. اكنت تعرفين هذا؟
-غريب .. لم احس بشئ.
-فلالق نظرة اذن ...
نزع بكل لطف مداسها وجواربها، وهذا امر غريب نظرا لتصرفه المخيف . ثم وضع يده على قدمها فنظرت الى قدمها المدماة : يا لسوء حظى !
-هل حقنت للكزاز؟
احست انها كالعادة مخطئة فاعتذرت.
-كنت انوى هذا.
-يالهى ! يجب ان تحقنى حالا.

-اكرة رؤية الدم.
-لا تنظرى اذن.
انحنى فوقها وحملها وكانها ريشة خفيفة.
-انت تذهليننى يا ايف، لاتك الشخص الوحيد الذى يتجاهل اوامرى، فلماذا؟
-ولماذا لا اتجاهلها؟ انه لفظيع تنفيذ اوامرك جميعها.
شاهدت كلب الرعاة، فاصيبت بالهلع : آه ! يا للمسكين.
وكادت تبكى، فالكحلى انقذ حياتها .. نظر غارث اليها : نوقفى عن البكاء، سيكون على ما يرام.
-هذا ما ارجوه.
وضعها غارث على فرسه السوداء الجميلة التى تقدمت منه حين اشار اليها .. ثم التفت ليحيى كيرك وكونواى اللذين هرعا اليهما بسرعة جنونية .. بدا على كونواى الاستياء لرؤية الكلبين .. وسال كيرك : اليس هذا هو الكلب الذى كنا نحاول اصطياده؟ عفوا يا انسة.
تجاوزها بسرعة ليلقى نظرة الى جسد الدينغو الضخم.
التفت غارث اليها : نعم، ابذل ما بوسعك من اجل الكحلى.
رد كونواى مدرب الكلب بنفسه : طبعا سيدى ! يا لها من طلقة صائبة !
ثم التفت الى ايف سائلا : هل تاذيت؟
هزت راسها وسحبت نفسا متحشرجا : كنت محظوظة لان الكحلى حضر بسرعة لينقذنى.
-انه كلب رائع .. ولكن لولا وصول المعلم فى اللحظة المناسبة لوقعت كارثة.
طاطات ايف راسها الاشقر سخطا : اجل.
اعتلى غارث السرج وراءها يشدها اليه، وقال ساخرا : ها قد عدنا مرة اخرى .. يا ذات الشعر الاشقر المسترسل !
-لا ادرى اين هى قبعتى.
نظر كونواى الى اسفل التل : انها فى مكان بعيد فى الاسقل.
قال غارث : سارجع ايف الى المنزل.
قالت : لا تزعج نفسك.

تجاهلها الثلاثة ثم قال كونواى : لا تقلق يا معلم .. ساتدبر الامور هنا . فى الواقع لقد رفع صوت ذلك الدينغو معنوياتى.
اخذ الجواد يجتاز المنحدرات الملتوية حتى وصلا الى بحيرة جميلة فتحركت الفرس فوق العشب وراحت تخطو بين زهور الزنبق البرى الزكى الرائحة ...
قال غارث : فلننظف الجرح.
-الا يمكنك الانتظار حتى العودة الى المنزل؟
-لا ...
ترجل غارث بسرعة ثم رفع ذراعيه الى ايف.
نظرت الى زر قميصه الؤلؤى تشعر بالاحمرار يغزو جسمها كله فمجرد وجودها معه على الجواد يحرك مشاعرها.
قالت : لم اظن قط اننى ساقع فى المتاعب.
-وهذا ما يتكرر دائما للاسف.
كانا فى غاية التقارب فشعرت بانها على وشك ان تميل نحوه.
-ايف ..؟ ما بك الان؟
رفع راسه بحدة لينظر فى عينيها، وفكرت : اننى خائفة .. خائفة .. يا الله ! لقد عرفت غارث طوال حياتها .. وقد خالته فى احيان كثيرة يوشك على قتلها اما الان فهناك خطر شرير اسود يطل براسه.
سالها بسرعة : هل سيغمى عليك؟
شدت اصابعه لحم خصرها .. فقالت بصوت متوسل : لا اظن هذا .. لا تقلق على .. بامكانى القفز على ساق واحدة حتى الماء.
-لا تتعبى نفسك ايتها المسكينة .. ساحملك .. فهذا على ما يبدو احد ادوارى فى الحياة0
-على الاقل، انا خفيفة الوزن بحيث لن يؤذى ثقلى ظهرك.
كانت المياة باردة بشكل لم تتوقعه.
-آه، انها متجمدة.
دفعها بحزم للجلوس على صخرة فيما راح ينظف جرحها ولكى تقاوم جنون مشاعرها ولئلا تتلمس خديه البرونزيين المصقولين .. ولئلا تدس اناملها فى موجات شعره الناعم راحت تحدق فى قمم الاشجار الخضراء ...
سالها غارث، وقد رفع وجهه الاسمر الجاد القلق : اما زال يؤلمك؟
-قليلا.
ان الم قدمها غير مهم ابدا اذا ما قورن مع خفقات قلبها .. ارتجف جسمها كله فقالت : انت فى غاية الطيبة معى غارث.
رد متهكما : او لا اعرف ذلك؟
همست : المكان جميل هنا، لا شك انه كان فى احد الايام مكانا مقدسا.

-وفى احد الايام كنت تعيشين فى البحر وكذلك لك ذيل سمكة.
فى صوته ما جعلها تحبس انفاسها .. انها تشعر بما يحيط بها من سماء وماء واشجار وهدوء ولكن اكثر ما كانت تشعر به هو الرجل الممسك بقدمها الصغيرة.
نظرت اليه وتعبير غريب يطل من عينيها الخضراوين : فكرتك عنى غريبة ...
-سامحينى .. ليست فكرتى عنك غريبة .. فانت " سيرينه " احدى حوريات الجمال ايف . بالامس كنت كذلك واليوم ايضا وغدا.
-وهل لديك مناعة ضدى؟
حالما تفوهت بهذه الكلمات، ارتجفت، فقد انسلت الكلمات منها لا اراديا.
-يا حلوتى .. اعرف انك تحبين فتنة الرجال.
مد يده الى خصلة من شعرها الذهبى، وارجعها الى الوراء.
-ولكننى باردة يا غارث وهذا عكس ما ابدو عليه.
قال بصوت ساخر : باردة.
-اجل .. وللاسف لم يغير فى خطيبان هذه البرودة.

اشفق عليك حبيبتى.
-آه ليتك تصدقنى .. لقد اكتشفت هذا بنفسى.
كانت لهجته لاذعة كتعبير وجهه : ان كنت باردة فانا مسرور بذلك . ربما ستطلبين منى معانقتك ولا اظن ان بالك سيطمئن حتى افعل.
رفعت يديها الى فوق تحمى نفسها مذعورة : انت مجنون.
-بل انا صادق ايف، اما انت، فلا.
كان الجو عابقا برائحة الزنبق البرى، وكان فى عينيها لهفة حقيقية .. لقد ادركت متاخرة التفاهات التى نطقتها .. غارث يعنى كثيرا من الاشياء لها : القوة والامان ولكنها الان منزعجة، منزعجة من الاثارة، الاثارة المخيفة، الخطرة الباهرة .. انها لاتريد .. لا تريد .. انها تخجل حتى من التفكير.
وقف غارث فجاة، وفى عينيه الزرقاوين توتر محدد : هيا بنا، يا باردتى الجميلة .. يجب ان اعيدك الى المنزل.
مدت يدها اليه، وهى تحس باسوا وخزات البؤس ..امن طبيعة المرأة ان تكون حمقاء الى حد الجنون؟
حملها بين ذراعيه : انت تخافين بسهولة.
-الاتريدين معرفة السبب؟
رد ببرود : اعرف السبب فهو فى غاية الوضوح.
شعرت بالغضب فجاة فقالت : اتلمح الى اننى اقوم .. بعرض شئ عليك؟
-نعم يا فتاتى العزيزة.
-انت متوحش .. غارث !
-كما تشائين .. على اى حال يا صغيرة .. انا اعتبر تصرفاتك جزءا طبيعيا من مرحلة نموك.
قالت بغضب : لا تتلاعب بى غارث، فما انا العزيزة الولهة فيكى .. ستتزوجها اليس كذلك؟
-اتساليننى ام تخبرينى بهذا؟
-انزلنى.
-بكل تاكيد.
انزلها بلطف على العشب الندى ثم جلس قربها . سالته بحدة ووجهها المنحوت بدقة متورد ومتوهج : هل سنتبادل اطراف الحديث؟
-لا .. بل ساقوم بما هو مناسب.
نظرت الى قدمها : آه، غارث.
-خائفة يا طفلتى؟
-اجل.
-يجب ان تعرف ما اذا كنت باردة ام غير باردة.
عندما التقت نظرة سريعة عليه شاهدت الضحكة والسخرية على وجهه فانفجرت بغضب : اللعنة عليك .. اللعنة عليك ...

اختفت الكلمات على صدره .. لو عاشت ايف الف سنة لما نسيت تلك اللحظة بالذات .. فقد اندفع جسدها بارادة خاصة به لملاقاته الى جانب روحها .. خافت ان يغمى عليها قبل ان تعيش لتحس به .. يا الله .. كيف يختلف عناقه؟ شعرت بانها لم تعانق قط احدا.
ما ان وصلت بين يديه الى نصف الجنون، حتى تركها . ابعدها عنه فوق العشب الندى وقال بقسوة : باردة حقا؟
-كنت مخطئة.
وكيف لها ان تقول غير هذا بعد تجاوبها المسعور؟
-التفسير بسيط .. كنت اعانق من هو غير مناسب.
-وكنت تحزنين قلوبهم .. مسكين جايسون العجوز .. ومسكين انا .. شعرت جدتى بعذاب دائم وهى تتساءل عما يحدث لك وانت بعيدة عن البيت.
صاحت : استطيع العناية بنفسى.
نظرت الى وجهه المتعجرف الجميل .. كانت اهدابه كثيفة، وكانها جناح غراب اسود حول عينيه الزرقاوين العميقتين .. لم تر قط مثل هذا اللون المثير للاضطراب، حدقت النظر اليه مذهولة اما هو فبدا وكانه يقاوم رغبة قوية فى معاقبتها.
قال محذرا : لن اعتمد على قولك ! فى الواقع، بدات اؤمن بقوة القدر .. لقد ارسلتنى جدتى لاحضارك فكان ان وصلت فى الوقت المناسب.
-هيا .. استمر فى تذكيرى بما حدث.
-ساذكرك به دائما لاننى لا استطيع نسيانه ابدا .. لم اشاهدك قط مرتدية ما هو اقل مما كنت ترتدينه.
-حسن جدا .. اذن لم يعجبك ما رايت؟
-وجدته غير مقبول ابدا . فى الواقع، يذهلنى خروجك من التجربة بريئة ولكنك على اى حال انت فتاة عجيبة.

دارت فى راسها صور رهيبة لها ولغارث . تصورت يديه حول قدها الرشيق، لكنها لا تستطيع السماح لنفسها بهذا التفكير لئلا تكتشف ما هو فظيع.
-باردة .. يا لها من سخرية !
قالت بصوت منخفض متوسل : لا تغضب منى غارث .. اكره نفسى حين تغضب منى.
-لكنك تفعلين ما بوسعك لاغضابى ام ان هذا امر عابر؟
احست بالحزن .. فما قاله صحيح.
-اعدك بالا اقلقك او اقلق جايسون او الجدة من الان وصاعدا . لقد فهمت اخطاء طريقتى فى الحياة.
-هذا واضح .. والان ستنالين قليلا من العبث معى.
-لا .. صدقنى لا .. فانا راهبة دير بالمقارنة معك.
انحنى فوقها ثانية : يمكننا تغيير ذلك.
قالت رغم ارتجافها شوقا : لا، لا تفعل غارث.
الى اين سيقودها هذا الجنون؟
-ظننتك ترغبين فى الصراخ حتى يبح صوتك؟
شعرت بانها ستسمع هذه القصة دائما.
-انت لن تسامحنى ابدا .. اليس كذلك؟

التفت اصابعة السمراء النحيلة على عنقها البيضاء العاجية : لا .. وليس هناك ما يمكنك فعله بهذا الصدد.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://iq-gz.forumarabia.com
 
روايه اخاف من لمساتك ,روايات ,روايه طويله ,
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» روايه الحمقاء والعملاق,روايات,روايه طويله,
» الفجر الذي مات ,روايات,روايه طويله,روايه الفجر,روايه الموت,

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
دردشة عراق كايز . منتديات عراق كايز :: منتدى عراق كايز لنثر والروايات-
انتقل الى: